🌌 قيام الليل والتهجد: عبادة القلوب والروح

                قيام الليل والتهجد: عبادة القلوب والروح



قيام الليل والتهجد من أعظم العبادات التي تقرّب العبد من الله سبحانه وتعالى.

قال الله تعالى:

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء: 79)

إنها عبادة خاصة بالمتقين، تزيد من الإيمان والخشوع، وتكفر الذنوب، وتزيد من نور القلب، وتُشعر العبد بالطمأنينة والسكينة.

 أولًا: معنى قيام الليل والتهجد

  • قيام الليل: هو القيام بالصلاة وذكر الله بعد صلاة العشاء وحتى الفجر.

  • التهجد: هو قيام الليل بخشوع وتلاوة للقرآن، ويكون غالبًا في الثلث الأخير من الليل، وقد سُمّي تهجدًا لأنه يتحرّى فيه العبد التقرب إلى الله بعبادة عميقة.

قال النبي ﷺ:

«أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» (رواه مسلم)

 ثانيًا: فضل قيام الليل والتهجد

  1.  مغفرة الذنوب ورفع الدرجات:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" متفق عليه.)

  2.  تدبر القرآن والاقتراب من الله:
    قيام الليل فرصة لتلاوة القرآن بخشوع وفهم، فهو سبب لنور القلب والسكينة.

  3.  راحة نفسية وروحية:
    المسلم الذي يعتاد قيام الليل يعيش شعورًا بالطمأنينة والسكينة، ويبتعد عن القلق والهموم الدنيوية.

  4.  سبب للعتق من النار:
    قال النبي ﷺ:

    «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)

  5.  اقتراب من رسول الله ﷺ:
    من أحيا الليل بخشوع اقتدى بسنة النبي ﷺ، وكان مقربًا من الله بالعبادة الخفية.

 ثالثًا: وقت قيام الليل

  • يبدأ بعد صلاة العشاء ويمتد حتى طلوع الفجر.

  • أفضل الأوقات هو الثلث الأخير من الليل، لقوله ﷺ:

    «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له» (رواه البخاري ومسلم)

  • يفضل تقسيم قيام الليل على مراحل: صلاة قصيرة، ذكر، ودعاء، ثم راحة قصيرة، ثم متابعة الصلاة.

 رابعًا: كيفية أداء قيام الليل

  1. النية الصادقة: النية لله وحده، فهي شرط قبول العمل.

  2. الصلاة ركعتين ركعتين: يمكن إتمام أي عدد حسب القدرة، فالأهم الخشوع.

  3. القراءة بخشوع: قراءة القرآن بتدبر وتأنٍ، أو سور قصيرة إذا لم تستطع الطويلة.

  4. الذكر والدعاء بعد الصلاة: الدعاء في قيام الليل مستجاب، ويفضل الإكثار منه في الثلث الأخير.

 خامسًا: عدد ركعات التهجد

  • النبي ﷺ لم يحدّد عدد ركعات محدد، لكنه كان يصلي غالبًا إحدى عشرة ركعة في الليل، مع الوتر.

  • الوتر ركعة واحدة أو ثلاث ركعات في نهاية الليل، وهو مستحب إتمامًا للتهجد.

  • يمكن صلاة أربع ركعات أو أكثر حسب القدرة، فالهدف الخشوع والعبادة الخالصة.

 سادسًا: آداب قيام الليل

  1.  الطهارة والوضوء قبل الصلاة.

  2.  ارتداء ملابس نظيفة.

  3.  الخشوع والانتباه إلى معاني القرآن أثناء الصلاة.

  4.  الاعتدال في القراءة والطول لتجنب التعب.

  5.  الإكثار من الدعاء خاصة في الثلث الأخير من الليل.

 سابعًا: العلاقة بين قيام الليل وصلاة التراويح

  • صلاة التراويح تُصلى بعد العشاء في رمضان، وهي سنة مؤكدة، وقد يؤديها المسلم جماعة أو فرادى.

  • قيام الليل والتهجد يشمل صلاة التراويح أيضًا، ويستمر بعد الانتهاء منها للعبادة الفردية والدعاء والذكر.

 ثامنًا: فضل التهجد في القرآن الكريم

  • قال تعالى:

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء: 79)

  • وفي آية أخرى:

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ۝١ قُمِ ٱلَّیۡلَ إِلَّا قَلِیلࣰا ۝٢ نِّصۡفَهُۥۤ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِیلًا ۝٣ أَوۡ زِدۡ عَلَیۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِیلًا ۝٤﴾ [المزمل ١-٤]

  • تشير هذه الآيات إلى فضل قيام الليل والتهجد، وأنه سبب لمقام محمود عند الله، وهو المقام الذي يرفع فيه العبد عند الله في الدنيا والآخرة.

 تاسعًا: نصائح للاستمرارية

  1.  البدء التدريجي: ابدأ بصلاتين ركعتين وزد العدد تدريجيًا.

  2.  عدم الإرهاق: إذا لم تستطع القيام طول الليل، فبضع ركعات مع خشوع أفضل من طول القيام بلا إخلاص.

  3.  تحديد وقت محدد: خصص وقتًا للتهجد كل ليلة حسب ظروفك.

  4.  الالتزام بالدعاء والذكر: استغل الوقت في ذكر الله والدعاء لنفسك وللمسلمين.

 عاشرًا: أثر قيام الليل على حياة المسلم

  •  زيادة القرب من الله والخشوع في الصلاة اليومية.

  •  راحة نفسية وروحية، ويخفف الهموم والقلق.

  •  تنمية الصبر والانضباط على الطاعة.

  •  فرصة لمحو الذنوب وزيادة الحسنات.

  •  تحقيق النجاح الروحي والدنيوي لما فيه من دعاء وتضرع وصدق مع الله.


قيام الليل والتهجد عبادة عظيمة للقلوب والروح، ووسيلة لنيل رضا الله ومغفرته، وزيادة القرب منه.
فلنحرص على أدائها بخشوع وصدق، ولنخصص لها وقتًا منتظمًا، خاصة في العشر الأواخر من رمضان، لتحري ليلة القدر والاستفادة من فضلها العظيم.

قال ﷺ: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه) 

Post a Comment

أحدث أقدم